التقديم: مفهوم الحق والعدالة
إذا كانت المقاربة الواقعية لمفهومي الدولة والعنف سمحت بمعرفة الإشكالات المرتبطة بطبيعة السلطة السياسية وإدراك فعل العنف الذي قد يلصق بها. فإن المقاربة الحقوقية السياسة، تقتضي التساؤل حول القواعد التي تنظم الحياة المشتركة للأفراد داخل المجتمع، فحيثما يوجد هذا الأخير، توجد قواعد لتنظيم العلاقات الإنسانية، ولربما كان الحق إحدى هذه القواعد القانونية والأخلاقية التي تحدد ما ينبغي القيام به وفق نحو موضوعي من جهة، ووفق مطلب عقلي يؤسس لمبدأ العدالة من جهة ثانية.
على أي أساس يقوم الحق؟ من أين يستمد مشروعيته؟ ما علاقته بالعدالة؟ أو بمعنى آخر، هل يمكن الاحتكام إليه لتحقيق ما هو عادل وما هو غير عادل؟ ثم، هل هذه العدالة إنصاف أم مساواة؟
ما يجب معرفته
إن الحق هو كل ما يمكن أن يتمتع به الانسان من امتيازات، ويفرض على الآخرين احترامها. ومفهوم الحق يتفاعل مع مفاهيم الواجب، العدالة، المساواة والانصاف.ويتحدد وفق ما هو مشروع وقانوني.
تعريف
مفاهيم ومصطلحات مفهوم الحق والعدالة:
مفهوم الحق الطبيعي : الحق المستقل عن قوانين المجتمع الوضعية والمنتمي الى طبيعة الكائن البشري ذاته كحق الحرية والحياة
مفهوم الحق الوضعي : ينتج عن العادات والتقاليد والقوانين المكتوبة المتفق والمتواضع عليها كحق الشغل والصحة والتعلم
مفهوم العدالة : ملكة في النفس تمنع من الاعتداء والظلم والرذائل كما تعني خضوع الكل لسلطة القانون مع احترام كرامة كل فرد
مفهوم المساواة : اعتبار الناس سواء في التمتع بالحقوق دون اختلاف في الجذارة او الجنس او اللون او المعتقد...
مفهوم الإنصاف : الحكم العادل الصادر عن احترام روح القوانين وليس عن التطبيق الحرفي لها
مفهوم الطبيعة : تعني اول الطبيعة والى ما ينتمي بشكل خاص الى كائن ما ،أي الى ما هو فطري وغريزي في مقابل ما هو مكتسب من انماط الثقافة
مفهوم حالة الطبيعة : الحالة التي قد يعيش فيها الانسان دون دولة ودون ثقافة ودون قوانين وتقابلها الحالة المدنية اوالاجتماعية
مفهوم العقد الاجتماعي : نظرية تقول بان النظام الاجتماعي يقوم على الاتفاق الارادي بين مختلف الافراد المكونين له، وهو اتفاق يخرجون بموجبه من حالة الطبيعة للدخول في حالة المدنية التي تحقق السلم و الامن للجميع
مفهوم الشرعية : الحالة التي تخضع فيها العلاقات الاجتماعية والسياسية لقوانين الدولة (القانون الوضعي) كما تخضع الدول للقانون الدولي او للشرعية الدولي
إنه من الصعوبة بمكان إرجاع قوة الحق إلى الأمر الواقع؛ ذلك أنه إذا كانت هذه القوة مستمدة من محاولة تقويم الاعوجاجات الإنسانية واختلالات السلوكات البشرية، فسيكون من الضرورة التنازل عن الحرية المطلقة للحفاظ على الحقوق الطبيعية، ومن ثم تأسيس المجتمع والمدنية على نوع من التباين العلائقي بين الحق الطبيعي والحق الوضعي،
ما هو الأساس الذي يقوم عليه الحق: هل ما هو طبيعي أم ما هو وضعي؟ ما هو مصدر الحق: هل هو الطبيعة أم المجتمع؟
1ـــــ) أطروحة أساس الحق طبيعي ويتمثل في القوة. (موقف طوماس هوبس).
يذهب هوبز في في كتابه التنين: أن حالة الطبيعة، حالة صراع وحرب الكل ضد الكل تسودها الحرية المطلقة (الإرادة الشريرة) لأن الإنسان شرير بطبعه. وحالة الفوضى هذه التي كان يعيشها الأفراد أدت إلى خوفهم من الموت، ولتجاوز هذه الحالة أنشأ الأفراد عقدا اضطراريا، تخلى فيه الأفراد عن جميع حقوقهم لحاكم مستبد، من أجل ضمان حق واحد وهو الحفاظ على البقاء وضمان السلم. وبما أن حالة الطبيعة حالة فوضى وصراع فلا يمكن أن نؤسس الحق على ماهو طبيعي على اعتبار أنه يتميز بالحق في القوة والحرية المطلقة هذا ما ينتج عنه حرب الكل ضد الكل، وفي هذه الحالة لا يضمن لا قوي ولا ضعيف البقاء على قيد الحياة من ثمة كان لزاما على الأفراد التعاقد بموجب قانون طبيعي(حق وضعي) مصدره العقل يقيد تلك الحرية المطلقة للحفاظ على حق الذات والأخر ضمن حالة المدنية.
ما يجب معرفته
يدافع هوبز عن السلطة المطلقة أي تلك السلطة التي ليس للمواطن حق سوى طاعتها ،و ليس له حق مقاومة هيمنتها المطلقة ،لأن كل مقاومة حسب هوبز تنطلق من مصالح خاصة،مما يؤدي إلى صراع المصالح و حرب الكل ضد الكل ، ومن ثم فالدولة المثالية عند هوبز هي الدولة " التي ليس لأي فرد فيها الحق في استخدام قوته كما يشاء حفاظا على سلامته الشخصية”
2ـــــ) أطروحة التصور التعاقدي (موقف جون جاك روسو):
يتأسس التصور التعاقدي مع روسو على رفض نظرية الحق الطبيعي كما تمت الاشارة إليها مع السوفسطائيين، وفي هذا السياق يقول روسو: " إن القوة لا تخلق الحق، ولا خضوع إلا للقوى المشروعة". لا يمكن إذن حسب هذا التصور أن نؤسس الحق على القوة، لأن القوة قدرة مادية متلاشية مع الزمن، ويمكن أن تظهر قوة أقوى منها، كما أن القوة تتطلب وجود من يخضع وينصاع، غير أن الانصياع هنا لا يكون بإرادة وطواعية، بل يكون بفعل الإكراه والجبر والإلزام، وبالتالي لا يمكن ضمان ولاء من يكون مكرها. وهذا ما يتطلب البحث عن أساس ثابت يضمن الخضوع بإرادة وحرية، وهذا ما يمكن أن يتضمنه الخضوع للقوة المشروعة، أي قوة القانون الذي يكون مؤسسا على التزامات لا إكراه فيها، مما يجعل القانون صالحا كأساس يقوم عليه الحق، خصوصا عندما يكون القانون خادما للإرادة العامة ومستمدا من القيم الأخلاقية. إن الحق هنا يتأسس على التعاقد الاجتماعي المبني على قوانين بعيدة عن القوة والعنف.
ما يجب معرفته
إن حالة الطبيعة التي كان يعيشها الإنسان باعتبارها حالة افتراضية خالية من الحقوق، لا تعني نشوء الحق على أساس القوة المنبعثة من الطبيعة الإنسانية، فالتغيرات الطارئة على الحياة الإنسانية فرضت على الجميع الدخول في عقد اجتماعي هو بمثابة اتفاق وتعاقد بين إرادات أفراد يخلق إرادة عامة، يخضع لها جميع المواطنين، وتنقلهم من حالة الطبيعة إلى حالة المدينة/ المجتمع التي تجسد الحرية الأخلاقية التي تسمح للفرد بأن يكون سيدا على نفسه”ليس الأقوى بقوي دائما قوة تجعله يسود أبدا إذا لم يحول قوته حقا والطاعة واجبا”.
يخلص التصور التعاقدي بالتأكيد على أن حالة الطبيعة تهدد حياة الإنسان واستقراره وهذا ما يدفعه إلى التفكير في أن يعيش حياة مطابقة لمقتضيات العقل وممارسة الحرية في حدود ما يسمح به العقل والتعايش مع الغير، الحق إذن لا يتأسس على القوة والغرائز، لأنه سيتحول إلى ظلم وجور، إن قوامه الأنوار الطبيعية للعقل، لأنه عن هذا الطريق فقط يمكن إحلال الاتفاق والتعاقد محل الاختلاف والصراع والتنافر.لكن ألا يؤدي الانتقال من حالة الطبيعة إلى حالة المجتمع المدني التعاقدي إلى فقدان الإنسان لحقوقه الطبيعية (الحرية، الكرامة…)؟
ما يجب معرفته
من خلال ماسبق نستنتج أن الخروج من دائرة العنف والقوة إلى دائرة الحق، وهو ما يتجسد في تلك الوضعية التي انتقل الإنسان بموجبها من الحق الطبيعي (حق القوة) إلى الحق المدني/الثقافي (قوة الحق) حيث صار الإنسان يعيش وفق قوانين وضعية وأخلاق وقواعد ومؤسسات تنظيم علاقاته بالآخرين.
إن الهدف الأسمى من إحلال الحق هو ضمان السلم والحرية والمساواة، فالمهم هو أن يحترم الجميع قواعد الحق والتصرف وفق متطلباته، ولهذا فإن التعاقد والاتفاق على وضع قوانين وفقا لمبادئ الحق له كفاية أو كأساس تحقيق العدالة داخل المجتمع ومنع الظلم.
كيف تحدد علاقة الحق بالعدالة؟ وهل ضمان السلوك العادل وتجنب الظلم يتحقق بطاعة القوانين؟ أو بمعنى آخر، هل العدالة تجسيد للحق وتحقيق له أهم أن فرصة قيام حق بلا عدالة تظل قائمة؟
1ـــــ) أطروحة القانون لا يؤسس العدالة بل الطبيعة الخيرة (موقف شيشرون):
يعتبر شيشرون أن المؤسسات والقوانين لا يمكن أن تكون أساسا للحق لأنها مبنية على المنفعة، والعدالة المؤسسة على المنفعة ستتغير بتغير المنفعة، بصريح العبارة"لا يوجد عبث أكبر من الاعتقاد بأن ماهو منظم بواسطة المؤسسات أو قوانين الشعوب عادل". هذا يعني أن القوانين لا يمكن أن تضمن لنا العدالة لأنها متغيرة ومتعددة ونسبية تتماشى وخصوصية كل مجتمع، فهي متغيرة بتغير مصلحة ومنعة الأفراد فالقوانين على كل حال لا يمكن أن تكون منصفة لجميع إرادات الأفراد. من هنا بات –حسب شيشرونء البحت عن أساس أخر للعدالة الذي سيتمثل في الطبيعة الخيرة للبشرية التي تتجه نحو الميل إلى الحب والفضيلة. إذن فالعدالة ليست هي عدالة القوانين، بل هي عدالة الطبيعة بما هي قيمة أخلاقية وليست قاعدة قانونية.
ما يجب معرفته
يرى "شيشرون" أن المؤسسات والقوانين لا يمكن أن تكون أساسا للحق، مادام أن هناك بعض القوانين يضعها الطغاة لخدمة مصالحهم الخاصة وهضم حقوق الآخرين، ولذلك يجب تأسيس الحق والعدالة تأسيسا عقليا؛ إذ أن الحق الوحيد هو الذي يؤسسه قانون واحد مبني على قواعد العقل السليم الذي يشرع ما يجب فعله وما يجب تركه. وعليه فإن الفصل بين العدالة والمنفعة الخاصة هو ما يؤسس الحق تأسيسا عقليا وأخلاقيا بموجبه تحترم المقدسات ويتم حب الأخر وخدمة الوطن”. لن توجد عدالة ما لم توجد طبيعة صانعة لها”
لتدعيم الأطروحة التي تعتبر أن القوانين يمكن أن تكون ظالمة في حد ذاتها، و كمثال على ذلك القوانين التي يضعها الطغاة و المستعمرون. كما أن القوانين يمكن أن ترتبط بمصالح من وضعها و بالتالي لن تحقق العدالة، بالاضافة إلى ذلك فإن القوانين يمكن أن تظل حبرا على ورق و لا يتم تطبيقها.
2ـــــ) أطروحة لا عدالة ولا حق بدون قانون ( موقف إيميل شارتيي (ألان):
يعتقد الفيلسوف ألان أن العدالة يجب أن تجد مصدرها في القانون، إذ لا عدالة بدون وجود قانون. ويقدم ألان أمثلة لإثبات موقفه. ومن بين هذه الأمثلة حيازة ساعة أو امتلاك منزل. بالنسبة لحيازة ساعة، لا يمكن أن تكون حقا ووفق مبادئ العدالة إلا إذا تم استصدار حكم من طرف السلطة القضائية بناء على القوانين الجاري بها العمل، وإلا فإنها ستكون حيازة وفق الأمر الواقع عندما يتعلق الأمر بالسارق مثلا، والأمر نفسه يكمن قوله بخصوص امتلاك منزل فالأمر لا يكون حقا ولا عادلا إلا إذا تم وفق مبدأ قانوني يرتبط بحكم قضائي يصدره قاض أمام الملأ. هكذا إذن يكون مصدر العدالة وإحقاق الحق هو القانون الصادر عن المؤسسة القضائية.
ما يجب معرفته
إن لحق لا يتحقق كقيمة أخلاقية وقانونية إلا داخل المساواة باعتبارها ذلك الفعل العادل الذي نعامل به الناس بشكل متساو، بغض النظر عن الفوارق القائمة بينهم أو تفاوتاتهم واختلافاتهم من حيث السن أو الجنس أو غير ذلك، وبهذه الشاكلة يكون الحق هو المساواة، والعدالة هي تلك القوانين التي يبقى كل الناس سواسية أمامها”لقد ابتكر الحق ضد اللامساواة، والقوانين العادلة هي التي يكون الجميع أمامها سواسية، سواء كانوا رجالا أو نساء أو أطفالا، مرضى أو جهالا”
أمثلة لإثبات موقف الفيلسوف ألان: ومن بين هذه الأمثلة حيازة ساعة أو امتلاك منزل. فبالنسبة لحيازة ساعة، لا يمكن أن تكون حقا ووفق مبادئ العدالة إلا إذا تم استصدار حكم من طرف السلطة القضائية بناء على القوانين الجاري بها العمل، وإلا فإنها ستكون حيازة وفق الأمر الواقع عندما يتعلق الأمر بالسارق مثلا، والأمر نفسه يكمن قوله بخصوص امتلاك منزل فالأمر لا يكون حقا ولا عادلا إلا إذا تم وفق مبدأ قانوني يرتبط بحكم قضائي يصدره قاض أمام الملأ. هكذا إذن يكون مصدر العدالة وإحقاق الحق هو القانون الصادر عن المؤسسة القضائية.
كشفت التصورات الفلسفية التي تطرقنا لها عن علاقة وثيقة بين الحق والعدالة، لكن اختلف الفلاسفة في تحديد مصدر العدالة التي تعتبر الأساس الذي يبنى عليه الحق، فقد رده اسبينوزا إلى السلطة التي تحكم وفق القوانين المدنية، في حين رأى شيشرون أن القوانين المدنية ليست عادلة بالضرورة، وهو ما يجعل الإشكالية قائمة، تعد الجدلية بين الحق الطبيعي والحق الوضعي جوهرا لها.
ما يجب معرفته
العدالة هي تجسيد لفكرة الحق، والالتزام بالحق كقيمة أخلاقية مثلى يستوجب إحقاق العدل .باحترام حقوق الآخرين والمساواة بينهم. ولأن الدولة لا يمكنها أن تنتهك القوانين لأنها الضامن لاستمرارية العدالة، فإنه لا يمكن أن يوجد خارج عدالة قوانين الدولة، ولهذا فلا تكون العدالة عدالة إلا إذا تم الجمع بين الحق والمساواة.
تمهيد المحور:
إن الهدف الأساسي للحق هو تقسيم العادل لثروات والخيرات بين أفراد المجتمع . ولهذا لا تكتسي العدالة طابعا قانونيا فقط أي ضمان المساواة بين الناس أمام القانون من حيث الواجبات والحريات، بل غايتها كذلك ضمان حقوق الأفراد الاقتصادية والاجتماعية رغم التفاوتات الحاصلة بينهم والتي قد تنتج عنها نزاعات أو صراعات.
هل العدالة إنصاف أم مساواة؟ وهل من العدل تدخل الدولة والمجتمع لتصحيح التفاوتات بإنصاف كل فرد حسب تميزه عن الاخرين أم أن تطبيق العدالة يقتضي المساواة بين الجميع دون اعتبار للفوارق؟
1ـــــ) أطروحة المساواة أساس العدالة (موقف إيميل شارتيي (ألان):
يؤكد أن الحق لا يتحقق إلا داخل عدالة تقوم على المساواة ومعنى ذلك أن قوانين العدالة تطبق على جميع البشر بشكل متساو بغض النظر عن الاختلافات الموجودة على مستوى السن أو الجنس أو اللون... إن الحق حسب هذا التصور يتأسس على عدالة القوانين التي تجعل جميع الناس متساوين لا فرق بينهم. ولذلك يقول الفيلسوف الفرنسي آلان Alain: "ما الحق؟ إنه المساواة (...) لقد ابتكر الحق ضد اللامساواة. والقوانين العادلة هي التي يكون الناس أمامها سواسية، نساءا كانوا أم رجالا أو أطفالا أو مرضى أو جهالا. أما أولئك الذين يقولون إن اللامساواة من طبيعة الأشياء، فهم يقولون قولا بئيسا.
ما يجب معرفته
لا يمكن الحديث عن الحق إلا في إطار المساواة بين الناس، فالقوانين العادلة هي التي يكون الجميع سواسية أمامها. والحق لا يتجسد إلا داخل المساواة باعتبارها ذاك الفعل العادل الذي يعامل الناس بالتساوي بغض النظر عن التفاوتات القائمة بينهم،. “لقد ابتكر الحق ضد اللامساواة. والقوانين العادلة هي التي يكون الجميع أمامها سواسية... أما أولئك الذين يقولون إن اللامساواة هي من طبيعة الأشياء فهم يقولون قولا بئيسا”
ما يجب معرفته
يؤكد على أولوية الحرية، وتكافؤ الفرص في التنافس، لكن المجتمع وفقا لمبدأ الإنصاف، يمنح الفئات الفقيرة فرصا جديدة للدخول في المنافسة الاقتصادية وليس لتلقي الرعاية والبقاء عالة على المجتمع. وعليه فالقاعدة السياسية لتحقيق العدالة هي الإنصاف التي تقتضي الاستفادة بالتساوي من نفس الحقوق الأساسية. ومن جهة أخرى، عدم وضع عوائق أمام أولئك الذين بحكم مواهبهم الطبيعية او ظروفهم يوجدون في وضع أحسن، شريطة أن يكون للباقي حق الاستفادة أيضا من هذا الوضع ما أمكن. “يفرض المبدأ الأول المساواة في الحقوق والواجبات الأساسية، بينما يفرض المبدأ الثاني اللامساواة الاجتماعية والاقتصادية”
لتدعيم الأطروحة يمكن الاعتماد على مثال لنظرية "حجاب الجهل":إن كنت قد ولدت غنيًا أو فقيرًا، طويلاً أو قصيرًا، رجلاً أو امرأة، هي أمور من "فوضى الطبيعة". والعدالة لا يجب أن تكون متأثرة بموازين قوى مبنية على الفوضى والاعتباط. ولا تُضمَن الحيادية إلا بحذف المعرفة بكل الحقائق الفردية. باختصار: اشتقاق العدالة من الجهل، لأنّ المعرفة تؤدّي للانحياز.
اختلف الفلاسفة كما لاحظنا من خلال مواقفهم في تحديد موقع العدالة بين المساواة والإنصاف، لكنهم يتفقون حول ضرورة مراعاة التفاوت والتفاضل بين الأفراد لتحقيق العدالة في توزيع الحقوق عليهم، وبذلك يمكن القول أن تحقيق المساواة بين أفراد متفاوتون يعمق التفاوت ودرجة التفاضل، لكن اللامساواة تؤدي إلى تقليص هوة التفاوت.
ما يجب معرفته
هكذا فالعدالة تهدف إلى تحقيق المساواة في الحقوق والواجبات بين الناس، لكن عمومية القوانين تفرض أحيانا استدعاء الإنصاف باعتباره مصححا الحالات الجور القانوني الناجم عن المساواة المطلقة، وهو ما لا يتم إلا بروح القانون وروح الاخلاق والقيم الإنسانية النبيلة التي بلا شك تتأسس على فضائل العدالة العدل، المساواة والإنصاف.
لمواصلة هذا الملخص، قم بالتسجيل بالمجان في كيزاكو