تقديم مجزوءة الوضع البشري:
تعالج هذه المجزوءة مختلف أبعاد الوجود الإنساني الفردي والجماعي, بحيث يتصف هذا الوجود البشري بتعقده و صعوبة تحديده، فهو يخضع لشروط ذاتية و موضوعية وتفاعلية. ويدل هذا التحديد من ناحية على أن الوضع البشري خاضع لشروط تضفي عليه طابع الضرورة و الخضوع .(تجعل منه موضوعا أو شيئا كباقي أشياء العالم). و من ناحية أخرى يدل على بعد خاص بالإنسان يتمثل في قدرته على المبادرة والابداع والتباعد، و ذلك عن طريق تفاعل حر مع الغير ومع المحيط (ما يجعل منه ذاتا حرة). إذن فالوضع البشري يتميز بالازدواجية. لأن الإنسان يوجد في العالم، يعيش مع الآخرين، ويخضع بشكل قبلي لشروط موضوعية وهي الحتميات الطبيعية و البيولوجية... و لإشراطات ثقافية واجتماعية... و في المقابل نجد أن الإنسان هو الكائن الوحيد الذي يستطيع التباعد عن وضعه المشروط هذا، أي بقدرته على تجاوز محددات وجوده، لكي يختار نمط وجود خاص و متميز. ذلك لأنه ينفرد بالحرية و الوعي و المسؤولية والقدرة على التفكير و الدخول في علاقات واعية مع الآخر(الغير)، حيث يرسخ من خلال ذلك القيم التي يحملها في ذاته . إن لإنسان لا يدرك وجوده إلا بالمشاركة و التعايش داخل مجموعة النوع البشري ، حيث يقبل وجوده النسبي و ينفتح على وجود الآخر[الغير]. و من هنا يتضح أن الوضع البشري يتحدد من خلال بعدين إثنين: بعد الوجود الذاتي المحدد بالوعي و القدرة على تملك الذات (الأنا)، عن طريق التفكير. و يحيل هذا البعد على مفهوم الشخص. بعد الوجود التفاعلي المحدد من خلال علاقة التأثير المتبادل بين الأنا و الأنا الآخر. و يحيل هذا البعد على مفهوم الغير.
وهذا مايجعلنا نضع مسألة الشخص والغير،ضمن أفق إشكالي نتسأل من خلاله عن طبيعة الشخص وهويتة،وموقعه بين الحرية والحتمية وعلاقته بالغير وطبيعة هذه العلاقة.
لماذا يتصف الوضع البشري بكونه وضعا معقدا؟ وما طبيعة الإكراهات والضرورات التي يخضع لها؟ وهل بمقدوره تحديها وتجاوزها؟ وكيف تتفاعل المحددات الذاتية والموضوعية في تشكيل الوضع البشري؟ما العلاقة التي تربطه بالغير؟
ما يجب معرفته
إن الوضع البشري بنية مركبة تتميز بالتعقيد، حيث تتداخل فيه عدة مستويات، منها ما هو ذاتي، وما هو موضوعي، وما هو علائقي، إذ يتحدد الكائن البشري ذاتيا بالوعي، وموضوعيا بالتواجد مع الغير، والعلاقة التي تربط بينهما (الذات – الغير). فالكائن البشري، فرد ذو ملامح بيولوجية، ونفسية، وذهنية خاصة. تجعل منه شخصا محددا يتمتع بقسط من حرية الإرادة، لكنه في نفس الوقت مشروط بمحددات اجتماعية ونفسية لا واعية، لكن تَشَكُّلُه لا يتم في معزل عن الغير. إذن فأين تكمن الطبيعة الجوهرية للشخص؟وما العلاقة التي تربطه بالغير؟
تعريف
الشخص هو مجموعة من السمات المميزة للفرد، الذي هو في الأصل كيان نفسي وإجتماعي متشابه مع الأخرين كما أن هذا الوضع البشري يحصر ويحدد الذات الإنسانية في مختلف مستويات وجودها، وهو ما يجعله وضعا متميزا بالإزدواجية من ناحية، وبالتناقض من ناحية أخرى. فهو يظل من جهة محافظا على هوية ثابتة ومستقرة، يستمد أساسها إما من فكره أو من إحساسه أو من بعده الروحي أو من قوة إرادته... كما يمكن من جهة أخرى أن نتصور هويته متأسسة على الدينامية والتغير والحركية... والشخص كذات واعية مفكرة، يعتبر قيمة عليا دون باقي الكائنات. وقد يستمد قيمته من عقله العملي الأخلاقي أو من قدرته على التشخصن، أو على كفاءاته التي تجعل منه مواطنا فاعلا في محيطه الاجتماعي والسياسي والمدني عامة. وهو كائن حر ومستقل بقدرما يخضع كذلك كأنا مدرك ومفكر للضرورات البيولوجية وللحتميات الوجودية وكذلك للإشراطات النفسية والتفافية والاجتماعية... ما يجعله مدركا حدود حريته، وقدرته على التجاوز والابتعاد.
بناء على هذه المفارقات التي يتصف بها التناول الفلسفي للشخص، نطرح مجموعة من الأسئلة الإشكالية كالتالي:
ما هي الخصوصيات الجوهرية الكفيلة بتحديد مفهوم الشخص؟ وكيف تحدد هوية الشخص؟ وما خصائص هذه الهوية؟
إذا كان الشخص متميزا عن باقي الكائنات، فما أساس قيمته؟ ومن أين يستمدها؟ وما خصائصها؟
هل يتميز الشخص بالحرية والقدرة على الاختيار أم أنه محكوم بضرورات تشرطه وتقيد اختياراته؟
ما يجب معرفته
إن الشخص قبل ذلك كوحدة بيولوجية، مستقلا بجسده عن الآخرين، وفي نفس الوقت مشاركا لهم في مجموعة من الخصائص أهمها الوجود. ومتميز عنهم في نفس الوقت. لكن هويته ليست معطى جاهزا، بل هي خلاصة تفاعل عدة عناصر فيها ما هو بيولوجي، وما هو نفسي، وما هو اجتماعي…
فيما تتمثل هوية الشخص؟
أين تكمن قيمته؟
هل الشخص حر في تصرفاته؟ أم يخضع لضرورات حتمية؟
تعريف
مفاهيم ومصطلحات مفهوم الشخص
مفهوم الشخص: كل ذات عاقلة تتحمل مسؤولية افعالها الاخلاقية والقانونية.
مفهوم الهوية: حالة الوحدة والتطابق والانسجام بين الشخص وذاته، جوهره ومظهره...
مفهوم القيمة: صفة او خاصية نقوم بها الشيء او الفعل او الحكم او الشخص بإبراز قبحه او جماله....
مفهوم الضرورة: الخضوع لإكراهات وحتميات لابد وان تحصل في ظروف معينة.
مفهوم الحرية: استقلالية الذات فكرا وتصرفا وتخلصها من معظم الاكراهات لإنجاز فعل او الامساك عنه.
لمواصلة هذا الملخص، قم بالتسجيل بالمجان في كيزاكو