لعدة أسباب منها الإعلام الموجه لخدمة أغراض ومحاربة الإسلام وكذا بعض تجاوزات فئات من المنتسبين إلى الإسلام سادت أفكار هادمة لهذا الدين الخاتم الذي اختاره الله لعباده وارتضاه لهم منها أنه دين انتشر بسلب حرية الإنسان وسفك دماء الأبرياء وخيانة العهود. ولو كلف من يتبى هذه الأفكار البحث في القرآن الكريم باعتباره دستور المسلمين والسيرة النبوية المطهرة كونها التطبيق العملي للقرآن الكريم لعلموا هوان هذه الأفكار. بل وجدوا الإسلام دين أعلى من شأن الحرية وجنح للسلم ما أمكنه ذلك إضافة إلى تقديسه للوفاء بالأمانة والعهود ودعوة أهله للعفو والتسامح. ولذلك جاء درس صلح الحديبية وفتح مكة كاشفا للنقاب عن هذه القيم السامية والأخلاق النبيلة للدين الإسلامي.
علاقة الدرس بسورة يوسف
النص الأول
رؤيا الأنبياء حق من عند الله لأنها أحد صور الوحي؛
فكما أن رؤيا سيدنا يوسف عليه السلام حق كونه سيصير ذا شأن في المستقبل يسجد له إخوته ووالديه قال الله تعالى: ﴿ إِذْ قَالَ يُوسُفُ لأَبِيهِ ياأَبتِ إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِين﴾.
فرؤيا الرسول صلى الله عليه وسلم في الدخول إلى بيت الله الحرام وتحققها مسألة وقت؛ قال الله تعالى: ﴿ لَقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيَا بِالْحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِن شَاء اللَّهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُؤُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ لاَ تَخَافُونَ فَعَلِمَ مَا لَمْ تَعْلَمُوا فَجَعَلَ مِن دُونِ ذَلِكَ فَتْحًا قَرِيبًا ﴾ (الفتح: 27)
النص الثاني
العفو قيمة مشتركة بين يوسف عليه السلام والرسول محمد صلى الله عليه وسلم؛
نجد يوسف عفى عن إخوته رغم مقدرته على إنزال العقوبة باعتباره عزيزا على أرض مصر وهم قد أذنبوا في حق ورغم ذلك تجاوز عنهم؛قال الله تعالى:﴿قَالَ لاَ تَثْرَيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللّهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِين﴾
كذلك الرسول صلى الله عليه وسلم عفى عن قومه يوم فتح مكة رغم استسلامهم وقدرته على إنزال العقوبة عليهم باعتبار ما اقترفوه في حقه من تكذيب واستهزاء وطرد ومحاولة القتل ومحاربته ومحاربة دعوته لكنه تجاوز عنه اقتداء بعفو يوسف عليهم الصلاة والسلام. قال الرسول صلى الله عليه وسلم – يوم فتح مكة - : " ما تظنون أني فاعل بكم؟ فقالوا: خيرًا أخٌ كريمٌ وابن أخٍ كريمٍ، فقال: ( لاَ تَثْرَيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللهُ لَكُمْ ) اذهبوا فأنتم الطلقاء"
المحور الأول: صلح الحديبية : السياق والنتائج
تعريف
صلح الحديبية: معاهدة صلح أبرمها المسلمون وكفار قريش بمكان قرب مكة اسمه الحديبية ، وذلك في شهر ذي القعدة في سنة (6ه) السادسة هجرية.
السياق التاريخي لصلح الحديبية وأهم أحداثه
رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم رؤيا في المنام أنه يؤذي مناسك العمرة، فأخبر بذلك أصحابه ففرحوا وانطلقوا إلى مكة لا يريدون قتال وعددهم تقريبا 1400 مسلما. لما علمت
لما علمت قريش بقدوم المسلمين أعدت عدتها لمنعهم من الدخول إلى مكة باعتبار العداوة والحروب التي كانت بينهما كي لا تقول العرب أن المسلمين دخلوا مكة عنوة. فقرر الرسول صلى الله عليه وسلم أن يعسكر في مكان بضواحي مكة يسمى الحديبية تفاديا لأي صدام مع قريش و تعظيما لبيت الله الحرام.
بدأ التفاوض بين الطرفين فأرسل النبي عثمان بن عفان فحبسته قريش ثلاثة أيام فشا خبر وفاته فكانت بيعة الرضوان وسميت بذلك لأن الله رضي عن المبايعين من فوق سبع سموات .
لما سمعت قريش بخبر بيعة الرضوان أطلقت عثمان بن عفان ، وأرسلت سهيل بن عمر لمفاوضة الرسول على الصلح.
بنود صلح الحديبية
من أهم البنود التي اتفق عليها الرسول صلى الله عليه وسلم وسهيل بن عمرو :
أن توقف الحرب بين الطرفين لمدة( 10) عشر سنوات.
من أراد من القبائل أن يدخل في عهد محمد صلى الله عليه وسلم دخل فيه (فدخلت خــــزاعــة ) ، ومن أراد أن يدخل في عهد قريش دخل فيه،( ودخلت بنـــو بكـــــر).
تأجيل العمرة إلى العام المقبل.
أن يرد المسلمون كل شخص يأتيهم من قريش مسلما، وأن لا ترد قريش من يأتيها من المسلمين مرتدا.
استنتاج: تعليق على هذه البنود
باستثناء البندين الأول والثاني واللذان يعتبران عادلين في مصلحة الطرفين يظهر أن البندين الثالث والرابع مجحين ظالمين يصبان في مصلحة قريش ولذلك نجد من الصحابة من اعترض عليهما إما تلميحا مثل عدم سرعة امتثالهم للرسول صلى الله عليه وسلم عندما أمرهم بالتحلل ونحر الهدي أو تصريحا كما قام بذلك عمر بن الخطاب عندما طلب من الرسول عدم إعطاء الدنية في الدين وعدم الخضوع لإذلال قريش خاصة وأن الحق مع المسلمين. ولكن سيدنا عمر تحدث من جانب النخوة العربية وما ظهر له غير أن الرسول صلى الله عليه وسلم مؤيد بالوحي يأمره الله عز وجل عالم الغيب والشهادة الذي يعلم عواقب الأمور وبالفعل فقد ظهر للمسلمين عامة ولعمر بن الخطاب خاصة رجاحة رأي الرسول وحكمته عندما بدأت نتائج الصلح تصب في كفة المسلمين.
نتائج صلح الحديبية
من أهم نتائج صلح الحديبية:
ضمان الأمن والسلام مع أهم عدو المسلمين و التفرغ للدعوة ونشر الإسلام.
دخول مهابة الإسلام والمسلمين في قلوب المشركين واليهود والمنافقين.
دخول أعداد كثيرة من العرب في الدين الإسلامي.
إسهام صلح الحديبية في فتح مكة.
ما يجب معرفته
سببها منع الرسول صلى الله عليه وسلم من الدخول لأداء مناسك العمرة وزيارة بيت الله الحرام. ومن أهم بنودها توقف الحرب عشر سنوات بين الطرفين وتأجيل العمرة إلى السنة السابعة...، مما سينتج عنه دخول أعداد كبير في الإسلام بسبب تفرغ المسلمين للدعوة وأمن جانب أهم عدو لهم.