افتتح المقطع بذكر الطريقة الظالمة التي أدخل بها يوسف عليه السلام إلى السجن وذلك بعد ظهور علامات براءته من القميص المقطع من الخلف والنسوة التي قطعن أيديهن واعتراف امرأة العزيز لهن في المجلس الخاص بفعلتها فلما شاع الخبر ودفعا للتهمة عليهن أمر بسجنه عدوانا وظلما. وهو عليه السلام راض بقضاء الله وقدره متيقن من نصرة الله له. وأهم أخباره في السجن هو تزامن ادخاله مع دخول سجينان كلاهما متهم في محاولة وضع السم للملك فالأول ساقي الملك والثاني خبازه، فرأى الساقي في المنام أنه يعصر العنب الذي يصير خمرا ورأى الخباز كذلك في رؤيا أنه يحمل فوق رأسه خبزا تأكل منه الطير فطلبا من يوسف تفسيرهما لما ظهر لهما من إحسانه وتقواه في السجن، وبالفعل فيوسف عليه السلام أخبرهما بأنه سيفعل لأنه رزق علم تأويل الرؤيا ولكن قبل ذلك استغل الفرصة السانحة في الدعوة إلى الله ونشر التوحيد ونبد الشرك مستعملا الفلسفة وتحكيم البرهان العقلي السليم الذي لا يقبل تعدد الآلهة وإنما الفطرة السليمة تقبل وجود إله واحد مدبر حكيم، ثم بعد ذلك فسر لهما الرؤيا وأخبر الساقي أنه سيغادر السجن ويعود إلى القصر لمزاولة عمله باعتباره ساقي الملك فيسقيه خمرا، أما الخباز فأعلمه أنه سيصلب ويموت حتى تأكل الطيور من رأسه. ثم يذكر لنا طلبه من الساقي بإعلام الملك بحاله وبالظلم الذي تعرض له وهنا يبيين لنا الله كيف أدب نبيه من خلال مكوثه في السجن بضع سنين لأنه اعتمد على العباد والأخذ بالأسباب ونسي التوكل على رب الأسباب. ثم ينتقل المقطع لقص رؤيا الملك وكيف استعص تفسيرها على حاشية الملك الذين اعتبروها من الأحلام المضطربة التي لا تأويل لها وفي هذه الأثناء استحضر ساقي الملك حال صديقه السجين الذي سبق وأن فسر له رؤيته تفسيرا حقا فطلب السماح له بالذهاب والدخول غلى السجن فكان له ذلك فطلب من يوسف تفسير رؤيا الملك بعد قصها عليه معتقدا يقينا في قدرة يوسف على حل مغاليقها، وبالفعل صدقه الخبر يوسف ولم يكتف بتفسير الرؤيا وإنما وضع للبلاد خطة إعمارية للحد من خطر سنوات الجفاف والتعامل الحسن مع أعوام الرخاء والغيث، فأوضح أن البقرات السمان والسنبلات الخضر دليل على سبع سنوات من الرخاء والتي ينبغي فيهم ترشيد الاستهلاك والتوسط والاعتدال مع الحرص على العمل الدؤوب المستمر، ثم فسر البقرات العجاف والسنبلات اليابسات بسنوات الجفاف والقحط التي ستستمر سبع سنوات وجب التعامل معها كذلك بتوسط واعتدال واقتصاد لاستغلال ذلك في العام الذي يليها عام الخير والكثير والغيث الوفير . وهنا وجب التنبيه كيف أن يوسف منح المجتمع المصري خطة لمواجهة خطر الجفاف والتخلص من شدتها رغم أن هذا المجتمع ظلمه واتفق على ذلك وهو تعامل معهم عكس معاملتهم وصدقهم القول ووفى بالأمانة عند تفسير الرؤيا وهذا كله من حسن عمارته للأرض. وقد استحسن الملك تفسير يوسف لرؤيا واقتنع به وأمر بإحضاره له، ولكن يوسف فهم الدرس الإلهي جدا وامتنع عن الحضور قبل أن يبحث الملك عن السبب الحقيقي وراء سجنه وهل هو ظالم أم مظلوم؟ وهو الذي كان يريد فقط أن يذكر عند الملك. وبالفعل استجوب الملك النسوة وشهدن على صدقه واعترفت امرأة العزيز بذنبها وأقرت بصدق حيائه وعفته واستغفرت لذنبها وتابت إلى الله. بذلك ظهرت براءة يوسف وبان صدق وأن محنة السجن كان في طياتها نعم كثير منها ظهور براءته وصدق عفته واكتسابه مكانة وتقدير عند جميع مكونات الشعب المصري وأولهم ملكهم.
لمواصلة هذا الملخص، قم بالتسجيل بالمجان في كيزاكو