عرف العالم خلال القرن 19 تحولات كبرى مست الميادين الاقتصادية والاجتماعية والفكرية ساهمت في تعزيز النظام الرأسمالي. فما هي مظاهر التحولات الاقتصادية والمالية ؟ وما العوامل المفسرة لها ؟ وما هي مظاهر التحولات ( الانعكاسات )الاجتماعية والفكرية في العالم الرأسمالي خلال القرن 19؟
شهد القرن 19 ثورة فلاحية خاصة في أوربا الغربية وأمريكا الشمالية ، تجلت مظاهرها في انتقال الفلاحة من مستواها التقليدي والمعيشي إلى فلاحة عصرية تسويقية بفضل ظهور الملكيات الكبرى وتزايد المساحات المزروعة بواسطة عمليات الاستصلاح وتحسين الأساليب و التقنيات الفلاحية والاستفادة من نتائج البحث العلمي وتطوير الاساليب الزراعية كإتباع نظام التناوب الزراعي وإراحة الأرض وتحسين سلالة المواشي ، وظهور مبدأ التخصص في الإنتاج و التسويق و التسيير ، وارتباط الفلاحة بالصناعة والتجارة مما أدى إلى ارتفاع الإنتاج وتزايد أرباح الفلاحين .
عرف الميدان الصناعي بدوره عدة تحولات تمثلت في تطور العديد من الصناعات (الاستهلاكية ، التجهيزية ، الكيماوية) وظهور مصادر طاقية جديدة كالكهرباء والغاز والبترول ، وتطور الأساليب و التقنيات كطريقة "بسمر" لإذابة الحديد للحصول على الفولاذ (الصلب) ، و تعميم استعمال الآلة وظهور نظام المعمل وتنظيم عملية الإنتاج والتسيير والمراقبة وارتفاع الإنتاج الصناعي و قيمة الصادرات الصناعية وتزايد مساهمتها في الناتج الوطني الخام .
توسعت المبادلات التجارية للدول الرأسمالية التي نهجت سياسة التبادل الحر ، وتخلت عن السياسة الحمائية، مما أدى لخلق صراعات بين الدول الرأسمالية للسيطرة على الأسواق العالمية، كما تطورت التجارة الداخلية بظهور المتاجر الكبرى وطرق جديدة في البيع كتحديد الأسعار وتسجيلها وتحفيز الاستهلاك بالإشهار والبيع بالمصارفة.
مر تطور النظام الرأسمالي من ثلاث مراحل الرأسمالية التجارية التي ارتبطت استثمار رؤوس الأموال في التجارة الاستعمارية خاصة بعد الاكتشافات الجغرافية والرأسمالية الصناعية التي ركزت على استثمار رؤوس الأموال في الصناعة بعد الثورة الصناعية ثم الرأسمالية المالية حيث تتحكم الأبناك في رؤوس الأموال وتحولت من وظيفة الادخار إلى وظيفة الاستثمار و ظهور شركات مجهولة الاسم أو شركات الأسهم و تزايد تأثير البورصة ومن مميزات الرأسمالية المالية تطور ظاهرة التركيز الرأسمالي وهو اندماج اقتصادي لخلق شركات احتكارية عملاقة ونميز فيه بين تركيز أفقي و تركيز عمودي وقد أفرزت ظاهرة التركيز الرأسمالي عده أشكال من الشركات العملاقة.
ما يجب معرفته
في هذه الفقرة يجب التركيز على مظاهر التحولات الاقتصادية في القطاع الفلاحي والصناعي (تحول طرق وأساليب الانتاج وانعكاسات هذا التحول على مستوى ارتفاع الكمية وتحسين جودة الانتاج و وارتفاع الأرباح) وربط التحولات الفلاحية والصناعية بازدهار التجارة خاصة بعد نهج سياسة التبادل الحر بدل السياسة الحمائية إضافة الى انعكاس تطور الرأسمالية الى الرأسمالية المالية على هذه التحولات الاقتصادية .
يقصد بها التقدم التقني مجموع الاختراعات و الاكتشافات التي عرفها العالم الرأسمالي خلال القرن 19 في مختلف المجالات مثل مجال الطاقة و المعادن مصادر الطاقة - الصلب فرن بيسمر - المحركات ،و عمال الكيمياء الأسمدة الكيماوية – المبيدات – الأسبيرين ، مجال البيولوجيا التعديل الوراثي - التلقيح ، ثم الاتصال الهاتف والتلغراف
ساهم تطور الرأسمالية إلى الرأسمالية المالية في تطور وظيفة الأبناك و تزايد أهمية البورصة وظهور التركيز الرأسمالي وهو اندماج مجموعة من المؤسسات الاقتصادية كليا أو جزئيا ويشمل التركيز الأفقي والتركيز العمودي و شركات التملك كما استفادت التحولات الاقتصادية من فعالية النهج الرأسمالي الليبرالي الذي كان له دور كبير في توسع النسيج الاقتصادي والمالي و بالتالي ارتفاع الانتاج وتراكم الأرباح
ساهم ظهور مصادر الطاقة و وفرة انتاج الحديد و الصلب في تطور المواصلات فعلى مستوى النوع ظهرت السكك الحديدية و السفن البخارية ، وعلى مستوى الربط ربطت السكك الحديدية داخليا بين المدن و البوادي بينما ربطت السفن البخارية خارجيا بين دول اوربا و باقي العالم ، ثم على مستوى الخصائص تميزت السكك و السفن بالسرعة و الحمولة الكبرى و اختصار الوقت و بالتالي ضمان حفظ جودة المنتوجات.
لعبت الأبناك دورا أساسيا في تعزيز النظام الرأسمالي حيث أصبحت تمارس وظيفة الأعمال و الاستثمار أما المقاولات الكبرى فقد أصبحت تتحكم في الاقتصاد من خلال هيمنتها على الثروة المالية و الخبرة المهنية
صورة : سفينة بخارية
صورة : قطار بخاري
لمواصلة هذا الملخص، قم بالتسجيل بالمجان في كيزاكو