من الاعتقادات الخاطئة التي سادت في الآونة الأخير أن المسلم لا يمكنه أن يدعو إلى الله إلا إذا كان خطيبا في مسجد أو إماما فيه أو واعظا حيث حصرت الدعوة إلى الله في مناصب معينة تعتمد على الكلام والقول، صحيح أن الكلمة أصل الدعوة ولكن لا يمكن حصرها فيها ذلك أن أي مسلم أين كان وكيف ما كان يمكنه أن يصير داعيا إلى الله وذلك عن طريق أخلاقه وسلوكه وتحليه بالقيم النبيلة والشيم السامية. وفي هذا الدرس اخترنا قيمتين لهما الأثر العظيم على الفرد والمجتمع أولهما البذل باعتبارها قيمة ترسخ التعاون والتضامن بين أفراد المجتمع، وثانيهما الحياء باعتبارها الضامن لنشر الفضيلة ووقاية المجتمع من الوقوع في الفواحش. وهما قيمتان اشترك فيهما يوسف عليه السلام والصحابي الجليل عثمان بن عفان رضي الله عنه.
الاتصاف بالبذل والحياء مسألة مشتركة بين يوسف عليه السلام وعثمان بن عفان رضي الله عنه. النص الأول: تحلي يوسف عليه السلام بقيمة البذل والعطاء من خلال إيفاء الكيل وإكرام النزل؛ قال الله تعالى:﴿وَلَمَّا جَهَّزَهُم بِجَهَازِهِمْ قَالَ ائْتُونِي بِأَخٍ لَّكُم مِّنْ أَبِيكُمْ أَلاَ تَرَوْنَ أَنِّي أُوفِي الْكَيْلَ وَأَنَاْ خَيْرُ الْمُنزِلِين ﴾. النص الثاني: وتحلى بقيمة الحياء عندما امتنع عن الوقوع في فاحشة الزنا لما راودته امرأة العزيز. قال الله تعالى:﴿ وَرَاوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا عَن نَّفْسِهِ وَغَلَّقَتِ الأَبْوَابَ وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ قَالَ مَعَاذَ اللّهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ الظَّالِمُون﴾
أعد الرسول صلى الله عليه وسلم صحابته الكرام لتحمل الرسالة والمضي بها قدما من بعده، وهم أفضل أجيال الأمة الإسلامية قال النبي صلى الله عليه وسلم : "خيرُ الناس قرْني، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم". كيف لا وقد رضي الله عنهم من فوق سبع سماوات، ورباهم النبي صلى الله عليه وسلم، قال الله تعالى ﴿ وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ﴾ وكل منهم كانت له خصائص ومميزات عظيمة، ومن بينهم عثمان بن عفان رضي الله عنه ذو النوريين.
ما يجب معرفته
معلوم أن الرسول صلى الله عليه وسلم أعد صحابته الكرام لتحمل مسؤولية الرسالة بعده وقد وفقوا في القيام بالمسؤولية الملقاة على عاتقهم وهم أفضل الناس بعد الرسل والأنبياء. وكل منهم كانت له خاصية تميزه عن غيره ومن خيارهم عثمان بن عفان رضي الله عنه.
عثمان بن عفان أصدق الأمة المحمدية حياء، بدليل قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: ''ألا أستحي من رجل تستحي منه الملائكة''. ومن مظاهر حيائه: ابتعاده عن الفواحش في الجاهلية والإسلام. عفة لسانه فكان قليل الكلام رغم فصاحته. عدم نزع الثياب عنه والتجرد منها كليا عند الاستحمام.
تجهيزه لجيش العسرة في غزوة تبوك : وقد بلغت نسبته الثلث وفرح النبي صلى الله عليه وسلم لقوة بذل عثمان حتى قال صلى الله عليه وسلم: '' ما ضر عثمان ما عمل هذا اليوم''. شراؤه بئر رومة: عند دخول المسلمين المدينة مهاجرين وجدوا بئرا يملكها رجل ويبيع الماء لأهل المدينة، فشق ذلك عليهم ، فرغب الرسول صلى الله عليه وسلم في شراءها ووعد مشتريها بعين في الجنة قال صلى الله عليه وسلم: ( من يحفر بئر رومة فله الجنة ) .
ما يجب معرفته
امتاز سيدنا عثمان بين الصحابة بصدق حيائه فكان بعيدا عن الفواحش في الجاهلية والإسلام، وقليل الكلام وحتى عند استحمامه لا يتجرد كليا من ثيابه. وكذلك عرف بقوة إنفاقه وبذله ومن نماذج ذلك تجهيزه لجيش العسرة وشراؤه لبئر رومة.
لمواصلة هذا الملخص، قم بالتسجيل بالمجان في كيزاكو